قولُه تعالى: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ).
أمَّا نصرُ اللَّهِ فهُوَ معونتُه علَى الأعداءِ حتَّى غَلَبَ النبيُّ - ﷺ - العربَ كلَّهم، واستولَى عليهِم مِنْ قريشٍ وهوازنَ وغيرِهم، وذكرَ النقَاشُ عنْ ابنِ عبَّاسٍ أنَّ النصرَ: هو صُلْحُ الحديبيةِ.
وأمَّا الفتحُ فقيلَ: هُوَ فتحُ مكةَ بخصوصِهَا، قالَ ابنُ عبَّاسٍ وغيرُه: لأنَّ
العربَ كانتْ تنتظرُ بإسلامِهَا ظهورَ النبي - ﷺ - على مكةَ.
وفي "صحيح البخاريِّ " عَنْ عمرِو بنِ سلمةَ قالَ: لمَّا كانَ الفتحُ بادَرَ كُلُّ
قومٍ بإسلامِهِم إلى رسولِ اللَّه - ﷺ - وكانتِ الأحياءُ تلوَّمُ بإسلامِهَا فتحَ مكةَ فيقولونَ: دعُوهُ وقومَه، فإنْ ظهرَ عليهِم فهوَ نبي - ﷺ -.
وعن الحسنِ قالَ: لمَّا فتحَ رسولُ اللَّهِ - ﷺ - مكةَ، قالتِ العربُ: أمَّا إذا ظَفَر محمدٌ بأهلِ مكةَ، وقدْ أجارَهُمُ اللَّهُ مِنْ أصحابِ الفيلِ فليسَ لكم به يدانِ، فدخلُوا في دينِ اللَّهِ أفواجًا.
وقيلَ: إنَّ الفتحَ يَعُمُّ مكةَ وغيرَها مما فُتِحَ بَعْدَهَا من الحصونِ والمدائنِ.
كالطائفِ وغيرِها مِنْ مُدنِ الحجازِ واليمنِ وغيرِ ذلكَ، وهُوَ الذي ذكرهُ ابنُ
عطيةَ.
وقولُهُ: (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا).
المرادُ بالنَّاسِ العمومُ على قولِ الجمهورِ، وعَنْ مقاتل: أنَّهم أهل اليمنِ.
وفي "مسندِ الإمامِ أحمدَ" مِنْ طريقِ شعبةَ عَنْ عمرِو بن مرةَ عَنْ أبي
البَخْتريِّ عن أبي سعيد الخدري عن النبيّ - ﷺ - قالَ: لمّا نزلتْ هذه السورةُ: