كما تَضَمَّنهُ هذا الحديثُ في قولهِ: (وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوفَ أُخْرَجُ حَيًّا)، إلى قوله: (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩).
وفي "صحيح البخاريَ " أيضًا عن النبيِّ - ﷺ - قالَ:
"لا أحَدَ أصبرُ على أذىً سمعهُ مِنَ اللَّه، إنَهُم يجعلونَ لهُ ولَدًا وهو يرزقُهُم ويُعافِيهم ".
فهذه السورةُ الكريمةُ تَضَمَّنتْ نَفْيَ مَا هوَ من خصائصِ آلهةِ المشركين عنْ
رب العالمينَ؛ حيثُ جاءَ في سببِ النزول أنَّهُم سالُوا النبيَّ - ﷺ - عنْ ربِّه منْ أيّ شيءٍ هوَ؟ أمِنْ كذا، أم من كَذَا؟ أو ممَن وَرِثَ الدنيا؛ ولمن يُوَرَثُها؛ حيثُ كانوا قد اعتادُوا آلهةً يلدونَ، ويولدونَ، ويرِثُون ويُوَرّثونَ، وآلهةً من مواد مصنوعةٍ منها، فأنزل اللَهُ هذه السورةَ.
وفي "المسندِ" من حديثِ أبيِّ بنِ كعبٍ بعدَ ذكرِ نزولهِا: لأنَّه ليسَ أحدٌ
يولدُ لا يموتُ ولا أحدٌ يرِثُ إلا يُورَث، يقولُ: كل مَنْ عُبِدَ منْ دونِ اللَّهِ وقدْ وُلد مثلُ المسيح والعزيرِ وغيرِهما من الصالحينَ، ومثلُ الفراعنةِ المدعين
الإلهية، فهذا مولودٌ يموت وهو وإنْ كانَ قد ورثَ من غيرِه ما هو فيه فإذا
ماتَ وَرِثَهُ غيرُه واللَّه سبحانه حيٌّ لا يموتُ ولا يُورَثُ سبحانه وتعالى، واللَّهُ
أعلمُ.
سؤالٌ: نفى سبحانهُ الولادةَ قبلَ نفي التولدِ، والتولد أسبقُ وقوعًا من
الولادِ في حقِّ مَنْ هو متولدٌ؟
وجوابه: أنَّ الولادةَ لم يَدَّعها أحد في حقِّه سبحانه وإنَّما ادّعَوا أنَّه وَلَدَ.
فلذلكَ قَدَّم نفيَه لأنَّه المهمُّ المحتاجُ إلى نَفْيِهِ.