وأبرأهُ اللَّه مما يقولونَ، وقامَ الحجرُ، فأخذَ ثوبَهُ فلبسَهُ، وطفقَ بالحجر ضربًا - ثلاثًا أو أربعًا أو خمسًا -، فذلك قولُهُ تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (٦٩).
"الأدرةُ": انتفاخُ الخصيةِ.
و"الندبُ ": الأثرُ الباقي في الحجرِ، من ضربِ موسى - عليه السلامُ - له.
قال الخطابيُّ: وفيه من الفقهِ: جوازُ الاطلاع على عوراتِ البالغينَ، لإقامة
حقًّ واجبٍ كالختانِ ونحوه.
قلتُ: هذا فيه نظرٌ " فإن موسى - عليه السلامُ - لم يقصدِ التعرِّي عندَ بني
إسرائيل " لينظرُوا إليه، وإنَّما قدَّر اللَّهُ له ذلك حتى يبرئَه عندهم مما آذوْه به.
وقد يقالُ: إنَّ اللَّهَ لا يقدِّرُ لنبيِّه ما ليسَ بجائزٍ في شرعِهِ.
وأما الاستدلالُ به على جوازِ الاغتسالِ في الخلوةِ عُريانًا، فهو مبنيٌّ على
القولِ بأن شرعَ مَنْ قبلَنا شرعٌ لنا، ما لم يأتِ شرْعُنا بخلافِهِ.
وقد استدلَّ بهذا على جوازِ الغسلِ في الخلوةِ عُريانًا: إسحاقُ بنُ راهويه -
أيضًا -، وذكر أنه وإنْ كان شرعَ من قبلنا، إلا أنه لم يردْ شرعُنا بخلافِهِ.
وقد يمنعُ هذا من يقولُ: قد ورد شرعُنا بالتسترِ في الخلوةِ - أيضًا -.
وسيأتي بيانُ ذلك في البابِ الآتي - إن شاء اللَّه تعالى.
وقد روى حمادُ بنُ سلمةَ، عن عليِّ بنِ زيدٍ، عن أنسٍ، عن النبيِّ - ﷺ -.
قال: "إنَّ موسى بنَ عمران - عليه السلامُ - كان إذا أراد أن يدخلَ الماءَ لم يُلقِ ثوبَهُ، حتى يواريَ عورتَهُ في الماء".


الصفحة التالية
Icon