عن عروةَ، عن عائشة - رضي الله عنها -، أنها قالتْ: ما قال رسولُ اللَّهِ - ﷺ -: "إنهم ليسمعونَ الآنَ ما أقولُ ".
وقد وهِمَ - يعني ابن عمرَ - إنما قال: "إنهم ليعلمونَ الآنَ ما كنتُ أقولُ لهُم إنه حقٌّ " ثم قرأت قولَه: (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى).
(وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَن فِي الْقُبورِ).
وقد وافقَ عائشةَ على نفي سماع الموتى كلامَ الأحياءِ طائفة من العلماءِ.
ورجَّحَهُ القاضي أبو يعْلى من أصحابِنا، في كتابِ "الجامعِ الكبيرِ" له.
واحتجّوا بما احتجتْ به عائشةُ - رضي الله عنها -، وأجابُوا عن حديثِ قليبِ بدرٍ بما أجابتْ به عائشة - رضي الله عنها - وبأنه يجوزُ أن يكونَ ذلك معجزةً مختصةً بالنبيِّ - ﷺ -
دون غيرِهِ، وهو سماعُ الموتى لكلامِهِ.
وفي "صحيح البخاريِّ " عن قتادةَ قالَ: أحياهُم اللَّهُ تعالى يعني أهلَ
القليبِ حتى أسمعَهُم قولَه، توبيخًا وتصغيرًا ونقمةً وحسرةً وندمًا.
وذهب طوائفُ من أهلِ العلم إلى سماع الموتى في الجملةِ.
قالَ ابنُ عبدِ البرِّ: ذهبَ إلى ذلكَ جماعة من أهلِ العلم - وهم الأكثرونَ - وهو اختيارُ الطبريِّ وغيره، ويعني بالطبريِّ: ابنَ جريرٍ، وكذلكَ ذكرَهُ ابنُ قتيبةَ وغيرُه من العلماءِ، وهؤلاءِ يحتجونَ بحديثِ القليبِ، كما سبق، وليسَ هو بوهم ممن رواه، فإن عمرَ وأبا طلحةَ وغيرَهما ممن شهدَ القصةَ حكاه عن النبيِّ - ﷺ -.
وعائشةُ لم تشهدْ ذلك، وروايتُها عن النبيّ - ﷺ - أنه قالَ: "إنهم ليعلمونَ الآنَ أن ما كنتُ أقولُ لهم حق" يؤيد روايةَ من رَوى: "إنهم ليسمعون "، ولا ينافيه، فإن الميتَ إذا جازَ أن يعلمَ جازَ أن يسمعَ، لأنَّ الموتَ ينافي العلمَ، كما ينافي