(كم) - هاهنا - لكثير العدد، كأنه قيل: ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون، وموضعها نصب بـ ﴿أَهْلَكْنَا﴾ على تقدير: ألف قرن أهلكنا أو أكثر.
وجه الاحتجاج بـ ﴿أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ [٣١] كأنه قيل لهم: انظروا لم لا يرجعون فإنكم تجدون ذلك؛ لأنهم في قبضة مالكهم، يردهم في الآخرة إذا شاء ردهم لأنه لا يخلو إهلاكهم بالاتفاق من غير إضافة إلى حي قادر، ولو كان بالاتفاق أو الطبيعة لم يتسع أن يرجعوا إلى الدنيا.
وجه التذكير بكثرة المهلكين أنكم ستصيرون إلى مثل حالهم فانظروا لأنفسكم، واحذروا أن يأتيكم الإهلاك وأنتم في غفلة عما يراد بكم.
قيل لأهل العصر (قرن) لاقترانهم في الوجود، وأما المقاوم في الحرف فـ (قرن) بكسر القاف.
وقال قتادة: ﴿أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ عاد وثمود وقرون بين ذلك كثيرا.
الفرق بين (لمَا) بالتخفيف و (لمَّا) بالتشديد أن (ما) في (لمَا) بالتخفيف صلة مؤكدة، كأنه قيل: وإن كل لجميع لدينا محضرون، و (إن) في الأول المخففة من المثقلة. وفي الثاني: بمعنى الجحد، كأنه جحد دخل على جحد فخرج إلى معنى الإثبات.