الخاتمة
وبعد هذا التطواف فإنني أحمد الله تعالى على نعمة التوفيق والهداية، والإعانة على إتمام هذه الرسالة، بعد أن عشت مع هذا الكتاب دراسة وتحقيقا، من أول (سورة الأحزاب) إلى آخر (سورة غافر)، ومع سيرة مؤلفه المباركة، تلك السيرة العطرة التي أتيت على البحث من أوله إلى آخره، فالحمد لله الذي ينعمته تتم الصالحات، وهذه أهم نتائج البحث بها يتم عقد نظامها، ويفوح مسك ختامها:
أن ابن فورك كان من العلماء المبرزين في كل فن، وخاصة في اللغة والتفسير والحديث، فهو بحث علم من أعلام التفسير، إمام من أئمة اللغة، حافظ من حفاظ الحديث، وكثرة آثاره ومصنفاته في شتى الفنون والمعارف تشهد له بذلك.
كان لتميزه وتبحره في سائر العلوم عامة، واللغة والتفسير خاصة أبرز الأثر في تفسيره الذي بين أيدينا، وكانت سمة حاضرة على امتداد كتابه، فالمباحث اللغوية مبثوثة في ثناياه، واللطائف التفسيرية منثورة في صفحاته.
إنَّ هذا التفسير له قيمة علمية كبيرة، ولو كان الأمر بخلاف ذلك لما اعتمد أقوال مصنفه أئمة كبار في تفاسيرهم الشائعة الذائعة، ولغويون بارعون في مؤلفاتهم الماتعة، مما يشي بعلو مكانة ابن فورك بين أهل العلم.
ظهر لي من خلال البحث في سيرة هذا العالم الجليل أنه أشعري المعتقد، فقد خالف أهل السنة والجماعة، وأوَّلَ بعض الأسماء والصفات، وكان من أثر ذلك أن فسر بعض الآيات تفسيرا جانب فيه الصواب، ولكن مما يحمد له في جانب العقيدة رده على فرقة المعتزلة في تأويلاتهم


الصفحة التالية
Icon