قيل معناه: لكم جزاء دينكم ولي جزاء ديني وحسبك بجزاء دينهم وبالاً وعقاباً، كما حسبك بجزاء دينه نعيماً وثواباً.
فإن قيل: ذكرت الحجة في أن ما دعوا إليه لا يجوز؟.
قيل له: تقبيحاً لها من حيث أخرجت مخرج مقالة يكفي العلم بفسادها، حكايتها مع الاستغناء بما في العقول من الدلالة على بطلانها.
فإن قيل: فهلاّ بيّن ذكرهم بصفة غير منكرة؟.
قيل له: قد بين ذلك بعلم التعريف له إلا أنه بصفات الذم التي فيها معنى الرجز وهي دالة على أحوالهم فيما دعوا إليه من الباطل.
فإن قال فلم قال ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾
مع ما يقتضي ظاهرة التسليم؟
قيل له: مظاهرة في الإنكار، كما قال تعالى ﴿اعملوا ما شئتم﴾
لما فيه من الدليل على شدة الوعيد بالقبح لأنه إذا خرج الكلام مخرج التسليم للأمر دل على أن الضرر لا يلحق إلا المسلم إليه، فكأنه قيل له: أهلك نفسك إن كان ذلك خيراً لك.
فإن قيل: فلم قيل ﴿وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ ولم يقل (من أعبد) ؟
قيل له: لأنه مقابل لقوله ﴿وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ﴾
ولا يصلح هنا إلا (ما) دون (من) لأنه يعني ﴿وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ﴾ من
الأصنام ثم حمل الثاني عليه ليتقابل ولا يتنافر.
فإن قيل: فكيف أنكر عليهم ما لا يجوز في الحكمة بألين النكير مع خروجه
إلى أقبح القبيح؟.