٤٥ - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: نا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ الْعَسْكَرِيُّ قَالَ: نا شَبَابَةُ يَعْنِي ابْنَ سَوَّارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، وَعَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ﴾ [لقمان: ١٨] قَالَ: يَكُونُ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ عِنْدَكَ فِي الْعِلْمِ سَوَاءً "
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: وَيَتَنَاوَلُ فِيهِ مَا أَدَّبَ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ أَمَرَهُ أَنْ يُقَرِّبَ الْفَقِيرَ ﴿وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ﴾ [الكهف: ٢٨] إِذَا كَانَ قَوْمٌ أَرَادُوا الدُّنْيَا، فَأَحَبُّوا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُدْنِيَ مِنْهُمْ مَجْلِسَهُمْ، وَأَنْ يَرْفَعَهُمْ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الْفُقَرَاءِ، فَأَجَابَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَا سَأَلُوا، لَا لِأَنَّهُ أَرَادَ الدُّنْيَا، وَلَكِنَّهُ تَأَلَّفَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ فَأَرْشَدَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَخْلَاقِ عِنْدَهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُقَرِّبَ الْفُقَرَاءَ وَيَنْبَسِطَ إِلَيْهِمْ، وَيَصْبِرَ عَلَيْهِمْ، وَأَنْ يُبَاعِدَ الْأَغْنِيَاءَ الَّذِينَ يَمِيلُونَ إِلَى الدُّنْيَا، فَفَعَلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا أَصْلٌ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ جَمِيعُ مَنْ جَلَسَ يُعَلِّمُ الْقُرْآنَ وَالْعِلْمَ، وَيَتَأَدَّبُ بِهِ، وَيُلْزِمُ نَفْسَهُ، ذَلِكَ إِنْ كَانَ يُرِيدُ اللَّهَ بِذَلِكَ وَأَنَا أَذْكُرُ مَا فِيهِ لِيَكُونَ النَّاظِرُ فِي كِتَابِنَا هَذَا فَقِيهًا بِمَا يَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، يُقْرِئُ لِلَّهِ، وَيَقْضِي ثَوَابَهُ مِنَ اللَّهِ لَا مِنَ الْمَخْلُوقِينَ
٤٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ قَالَ: نا أَسْبَاطٌ -[١١٤]- عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ الْأَزْدِيِّ، وَكَانَ قَارِئَ الْأَزْدِ، عَنْ أَبِي الْكَنُودِ، عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ﴾ [الأنعام: ٥٢] وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ إِلَى قَوْلِهِ ﴿فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنعام: ٥٢] قَالَ: جَاءَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ، وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ فَوَجَدَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ صُهَيْبٍ وَبِلَالٍ وَعَمَّارٍ وَخَبَّابٍ قَاعِدًا فِي أُنَاسٍ مِنَ الضُّعَفَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَا: إِنَّا نُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَ لَنَا مِنْكَ مَجْلِسًا تَعْرِفُ لَنَا بِهِ الْعَرَبُ، نَأْتِيكَ، فَنَسْتَحِي أَنْ تَرَانَا الْعَرَبُ مَعَ هَذِهِ الْأَعْبُدِ، فَإِذَا نَحْنُ جِئْنَاكَ فَنَحِّهِمْ عَنَّا - أَوْ كَمَا قَالَا - فَإِذَا نَحْنُ فَرَغْنَا فَاقْعُدْ مَعَهُمْ إِنْ شِئْتَ، فَقَالَ: «نَعَمْ»، فَقَالَا: فَاكْتُبْ لَنَا عَلَيْكَ كِتَابًا، قَالَ: فَدَعَا بِالصَّحِيفَةِ، وَدَعَا عَلِيًّا لِيَكْتُبَ وَنَحْنُ قُعُودٌ فِي نَاحِيَةٍ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَقَالَ: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنعام: ٥٢] ثُمَّ -[١١٥]- ذَكَرَ الْأَقْرَعَ وَعُيَيْنَةَ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾ [الأنعام: ٥٣] ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ [الأنعام: ٥٤] قَالَ: فَرَمَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّحِيفَةِ، ثُمَّ دَعَانَا فَأَتَيْنَاهُ فَقَالَ: «سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ» فَدَنَوْنَا مِنْهُ حَتَّى وَضَعْنَا رُكَبَنَا عَلَى رُكْبَتِهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُ مَعَنَا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ قَامَ وَتَرَكَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعُدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الكهف: ٢٨] يَقُولُ: لَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ وَتَجَالِسَ الْأَشْرَافَ ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا﴾ [الكهف: ٢٨] يَعْنِي عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعَ، ﴿وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: ٢٨] ثُمَّ ضَرَبَ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنَ، وَمَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، قَالَ: فَكُنَّا نَقْعُدُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا بَلَغْنَا السَّاعَةَ الَّتِي يَقُومُ قُمْنَا وَتَرَكْنَاهُ حَتَّى يَقُومَ " قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: أَحَقُّ النَّاسِ بِاسْتِعْمَالِ هَذَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلُ الْقُرْآنِ إِذَا جَلَسُوا لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ يُرِيدُونَ بِهِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ


الصفحة التالية
Icon