وَلَوْلا ذَلِكَ لَمْ يَقُلْ: ﴿وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ قَالَ أَحْمد رَحمَه الله: وَمَعْنَاهُ عِنْدَنَا، وَالله أعلم: أَن المسرف لَا يكون إِلَّا بمجاوزة الْوَاجِب، كَقَوْل الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾، قَالَ: لَا يقتل غير قَاتله، وَالله أعلم بمَا أَرَادَ، غير أَن أهل الْعلم قَدْ أَجمعُوا فِيمَا أخرجت الأَرْض الْحرَّة الْعشْر أَو نصف الْعشْر عَلَى مَا قَالُوا من ذَلِكَ، وعَلَى مَا قَالَه بَعضهم من وجوب ذَلِكَ فِي قَلِيله وَكَثِيره، وعَلَى مَا أوجبه بَعضهم فِي مِقْدَار مِنْهُ دون مَا سواهُ مِمَّا هُوَ أقل من ذَلِكَ الْمِقْدَار، وعَلَى مَا أوجب بَعضهم فِي ذَلِكَ كُله إِلَّا الْحَطب والقصب والحشيش، وعَلَى مَا أوجبه بَعضهم فِيمَا لَهُ من ذَلِكَ ثَمَرَة بَاقِيَة دون مَا سواهُ مِمَّا لَا ثَمَرَة لَهُ بَاقِيَة فِيمَا سَنذكرُهُ وقائليه، ومَا رُوِيَ
فِيه فِي موَاضعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَلم يخل مَا أخرجت الأَرْض مِمَّا تَجِبُ فِيه الصَّدَقَة أَن تكون الصَّدَقَة الْوَاجِبَة فِيه وَجَبت بقوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾، أَو بقوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾، وبمَا سواهَا من آي الزكوات اللَّاتِي تلونا فِي أول كتَابنَا هَذَا وَلم يبين الله عَزَّ وَجَلَّ لنا فِي كِتَابه حكم مَا سَقى من ذَلِكَ السمَاء، وَلَا حكم مَا سُقي مِنْهُ فتحا، وَلَا مَا سُقِيَ مِنْهُ بالدوالي والسواني، وَلِأَنَّهُ بَينه لنا عَزَّ وَجَلَّ عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
٦٨١ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشُورُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشُورِ " ٦٨٢ - حَدَّثَنَا ابْنُ سِنَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ " فَرَضَ فِيمَا سَقَتِ الأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا فَسُقِيَ بِالسَّمَاءِ الْعُشُورُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشُورِ "
٦٨٣ - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ


الصفحة التالية
Icon