من خوضهم فِي دُيُون عَلَيْهِ، وَلم يحجّ حجَّة الْإِسْلَام، فَوَجَبَ أَن يخاض بَيْنَ غرمَائه فِي مَاله لم يخاض بَيْنَ الْحجَّة وَبينهمْ فِيه، دلّ ذَلِكَ عَلَى أَن الْحجَّة لَيْسَت بموجبةٍ دينا عَلَى من هِيَ عَلَيْهِ كديون الْآدَمِيّين، وكذَلِكَ مَا سواهَا من حُقُوق الله عَزَّ وَجَلَّ، وَمن كَفَّارَات الأيمَان، وَأَسْبَاب الصّيام، وَجَزَاء الصَّيْد، ودمَاء التَّمَتُّع وَالْقرَان وقَدِ اخْتلف أهل الْعلم فِي الْمِقْدَار الَّذِي يطعم عَنِ الصّيام الَّذِي كَانَ عَلَى المفطرين فِي شهر رَمَضَان مِمَّنْ لم يقضه حَتَّى توفّي، وَأوصى بِقَضَائِهِ بعد وَفَاته عَنِ المؤيس لَهُم من الطَّاقَة عَلَى الصّيام من الْأَجْنَاس، قَالَ ذَلِكَ إِيجَابا، وَمِمَّنْ قَالَه اسْتِحْبَابا، وقَدْ ذكرنَا ذَلِكَ، ومَا قَالَه كل وَاحِد فِيمَا تقَدم من كتَابنَا، فأغنانا ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته هَاهُنَا، غير أَنا لم نَكُنْ ذكرنَا فِي ذَلِكَ الأولى مِمَّا قَالُوه فِي الْمِقْدَار الَّذِي يطعم عَنهُ، فاحتجنا إِلَى ذكره هَاهُنَا، فَوَجَدنَا الله عَزَّ وَجَلَّ قَدْ ذكر الْإِطْعَام فِي غير مَوضِع من كِتَابه، فَمن ذَلِكَ مَا ذكره فِي كَفَّارَات الإيمَان بقوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ الْآيَة فكَانَ أهل الْعلم فِي مِقْدَار ذَلِكَ الْإِطْعَام مختلفِين، فطائفة مِنْهُمْ تَجْعَلهُ من الْحِنْطَة مَدين بِمد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتجعله من التَّمْر وَالشعِير مثل ضعف ذَلِكَ وَهُوَ أَرْبَعَة أَمْدَاد، ويروون ذَلِكَ عَنْ عمر بن الْخطاب، وَعَن عَليّ بن أَبِي طَالب وَطَائِفَة مِنْهُمْ تَجْعَلهُ مدا بِمد النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، ويروون ذَلِكَ عَنْ عبد الله بن عمر، وَزيد بن ثَابت، فَلم يكن فِي هَذَا دَلِيل فِي مِقْدَار الْإِطْعَام عَنِ الصّيام الَّذِي ذكرنَا، وَمِنْهَا الْإِطْعَام عَنِ الظِّهَار لمن لم يجد رَقَبَة، وَلم يسْتَطع صَوْم شَهْرَيْن مُتَتَابعين بقوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ فكَانَ أهل الْعلم مختلفِين فِي مِقْدَار مَا يطعم عَنْ ذَلِكَ كاختلافهم فِي مِقْدَار مَا يطعم عَنْ كَفَّارَة الأيمَان، فَلم يكن فِي ذَلِكَ دَلِيل عَلَى مِقْدَار الْإِطْعَام عَنِ الصّيام الَّذِي ذكرنَا وَمِنْهَا الْإِطْعَام فِي جَزَاء الصَّيْد بقوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ﴾ فكَانَ أهل الْعلم مختلفِين فِي مِقْدَار مَا يطعم كل مِسْكين مِنْهُمْ من ذَلِكَ كاختلافهم فِي مِقْدَار مَا يطعم كل مِسْكين فِي كَفَّارَات الأيمَان، وفِي كَفَّارَات الظِّهَار، فَلم يكن فِي ذَلِكَ دَلِيل عَلَى مِقْدَار الْإِطْعَام عَنِ الصّيام الَّذِي ذَكَرْنَاهُ