وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، وَكَانَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ﴾، قَدْ جَعَلَ لَهُ وَقْتًا، وَهُوَ الْحَجُّ، كَمَا جَعَلَ لِلصَّوْمِ فِي الظِّهَارِ، وَفِي الْقَتْلِ الْخَطَإِ، وَصْفَهُ، وَهِيَ التَّتَابُعُ، فَكَمَا كَانَ ذَلِكَ الصَّوْمُ الْمَوْصُوفُ بِالتَّتَابُعِ
لَا يُجْزِئُ إِلَّا مُتَتَابِعًا، فَكَذَلِكَ الصَّوْمُ الَّذِي جُعِلَ فِي الْحَجِّ لَا يُجْزِئُ فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ﴾، فَجَائِزٌ لِلْمُتَمَتِّعِينَ أَنْ يَصُومُوهَا بِمَكَّةَ، وَفِي طُرُقِهِمْ إِلَى بُلْدَانِهِمْ، وَفِي بُلْدَانِهِمُ الَّتِي فِيهَا أَهْلُوهُمْ مُتَتَابِعَةً وَمُتَفَرِّقَةً، لَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ﴾، أَيْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مِنَ الْإِحْلَالِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾، فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا هُوَ كَمَا لَهَا عَنِ الْهَدْيِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾، فَإِنَّ هَذَا قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ، وَفِي حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مَنْ هُمْ، فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، فَكَانُوا يَقُولُونَ فِي ذَلِكَ: أَهْلُ الْمَوَاقِيتِ الَّتِي وَقَّتَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى مَكَّةَ، هُمْ حَاضِرُو الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَهُمْ وَأَمَّا آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَكَانُوا يَقُولُونَ: حَاضِرُو الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ: أَهْلُ مَكَّةَ خَاصَّةً دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ كَمَا
١٦٥٥ - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ " ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾، أَجَوْفُ مَكَّةَ أَوْ حَوْلَهَا؟ قَالَ: جَوْفُ مَكَّةَ "