فِيهِ بعد وَفَاته كبقائها كَانَت فى حَيَاته فأديت الْمُكَاتبَة عَنهُ بعد وَفَاته إِلَى مَوْلَاهُ من تركته أَو أبراه مَوْلَاهُ مِنْهَا بِلِسَانِهِ بِغَيْر استبدال الشىء مِنْهَا عَاد بذلك حكمه إِلَى حكم من برِئ مِنْهَا فى حَيَاته فَثَبت بِمَا ذكرنَا فى الْمكَاتب الْمُتَوفَّى مَا ذهبت إِلَيْهِ فِيهِ الطَّائِفَة الَّتِى ذكرنَا عَنْهَا أَنه بعد مَوته بَاقٍ على مكَاتبه الَّتِى كَانَ عقدهَا على نَفسه فى حَيَاته وَأَنه يكون عتيقا بأدائها إِلَى مَوْلَاهُ أَو بميراثه مِنْهَا بِغَيْر أَدَائِهَا إِلَى مَوْلَاهُ حَتَّى يعود بذلك إِلَى حكم البريء مِنْهَا فى حَيَاته الْمُسْتَحق للعتاق بهَا قبل وَفَاته وَمن هَذِه الطَّائِفَة الْقَائِلين بِهَذَا أَبُو حنيفَة وَزفر وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد
وَاخْتلف أهل الْعلم الَّذين ذكرنَا عَنْهُم أَن الْمكَاتب لَا يسْتَحق الْعتاق بالمكاتبة حَتَّى يبريء من جَمِيع الْمُكَاتبَة فى الْمكَاتب يعجز عَن الْمُكَاتبَة هَل يرجع رَقِيقا على مَا كَانَ عَلَيْهِ قبل الْمُكَاتبَة باتفاقه ومولاه على ذَلِك؟ أَو لَا يرجع إِلَى ذَلِك الرّقّ إِلَّا بِحكم من الْحَاكِم عَلَيْهِ بِهِ؟ فَقَالَ بَعضهم: لَا يرجع إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قبل الْمُكَاتبَة من الرّقّ، وَلَا يخرج من الْمُكَاتبَة إِلَّا بِحكم الْحَاكِم بذلك لَهُ وَعَلِيهِ وَيرد القاضى إِيَّاه إِلَى الرّقّ الذى كَانَ فِيهِ عَلَيْهِ عقد الْمُكَاتبَة وَهَذَا قَول كثير من فُقَهَاء أهل الْمَدِينَة وَقَالَ بَعضهم إِذا اجْتمع الْمكَاتب ومولاه دون القاضى على تعجيز الْمكَاتب عَن الْمكَاتب، ورده إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ من الرّقّ قبلهَا وفعلا ذَلِك، وفسخا المكاتبه الَّتِى كَانَت بذلك بتفسخه، وَعَاد الْمكَاتب فى المستأنف رَقِيقا لمَوْلَاهُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِك أَبُو حنيفَة وَزفر وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد
وَلما اخْتلفُوا فى ذَلِك احتجنا إِلَى اسْتِخْرَاج الصَّحِيح من هذَيْن الْقَوْلَيْنِ اللَّذين وَصفنَا. فَوَجَدنَا الْمُكَاتبَة جَائِزا للْمولى عقدهَا على عَبده برضى عَبده بذلك دون القاضى كَمَا يجوز للرجلين أَن يتعاقدا البيع دون القاضى. فَلَمَّا ثَبت أَن الْمُكَاتبَة مِمَّا يجوز عقده دون القَاضِي، ثَبت أَن نسخهَا مِمَّا يجوز دون القَاضِي. وَقد ذكرنَا فِيمَا تقدم فى هَذَا الْكتاب