باب ذكر من نقط المصاحف أولا
من التابعين ومن كره ذلك ومن ترخّص فيه من العلماء
اختلفت الرواية لدينا في من ابتدأ بنقط المصاحف من التابعين فروينا أن المبتدئ بذلك كان آبا الأسود الدُّئِلي وذلك انه أراد أن يعمل كتابا في العربة يقّوم الناس به ما فسد من كلامهم إذ كان قد نشأ ذلك خواصّ الناس وعوامهّم فقال أرى أن ابتدئ بإعراب القرآن أولا فأحضر من يمسك المصحف واحضر صبغا يخالف لون المداد وقال للذي يمسك المصحف عليه إذا فتحتُ فايَ فاجعل نقطة فوق الحرف وإذا كسرت فايَ فاجعله نقطة تحت الحرف وإذا ضممت فايَ فأجعل نقطة أمام الحرف فأن أتبعت شيئا من هذه الحركات غنّة يعني تنوينا فأجعل نقطتين ففعل ذلك حتى آتي على آخر المصحف وروينا أن المبتدئ بذلك كان نصر بن عاصم الليثي وانه الذي خّمسها وعشّرها.
وروينا أن ابن سيرين كان عنده مصحف نقطه يحيى بن يعمر وأن يحيى أول من نقطها وهؤلاء الثلاثة من جلّة تابعي البصريين واكثر العلماء على أن المبتدئ بذلك أبو الأسود الدُّئِلي وجعل الحركات والتنوين لا غير، وأن الخليل بن أحمد هو الذي جعل الهمز والتشديد والرَوم والاشمام وقد وردت الكراهة بنقط المصاحف عن عبد الله بن عمر وقال بذلك جماعة من التابعين وروينا الرخصة في ذلك من غير واحد منهم قال عبد الله بن وهب عن نافع بن أبي نعيم قال سألت ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن شكل القرآن