المقدمة
الحمد لله الذي (نزل الحديث كتابا متشابها) [المزر: ٢٣]، وهو كتاب أحكمت آياته، وزاتقنت فصوله، وابدعت جمله، واختيرت كلماته، وعلا أسلوبه، واتفقت معانيه وائتلفت مبانيهن فلا ترى فيه عوجا، ولا تجد فيه اختلافا وتناقضا، وصدق إذ يقول (وإنه لكتاب عزيز، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد). [فصلت: ٤١-٣٤].
والصلاة والسلام على سيدنا محمّد بن عبد الله، النبي الأمي الذي أرسله الله (شاهدا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا). [الأحزاب: ٤٥-٤٦]، ... وعى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى من اهتدى بهديه، وسار على نهجه إلى يوم الدين أما بعد:
فقد كثرت العلوم، وتنوعت الأبحاث حول القرآن الكريم حيث نزوله، وجمعه وترتيبه، ومناسباته، ومبهماته، وأسباب نزوله، وناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، وتفسيره.. وما إلى ذلك من علوم تتعلق بكتاب الله، أو تتصل به.
وعلم المتشابه اللفظي واحد من تلك العلوم الشريفة الكريمة، ولد في أحضان أئمة القراء، ونما وربى على أيدي الكبار العلماء، الذين عكفوا طوال حياتهم على إحاطة كتاب الله بعقولهم، وقلوبهم، وأسماعهم، وأبصارهم، وبذلو في خدمته عصارة أعمارهم وأوقاتهم، حتى عدوا كلماته، وحروفه، وذكروا الفرق بين الآيتين، أو الآيات المتشابهة لفظا.