الآية الرابعة منها
قوله تعالى: (وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٤٨).
وقال فى سورة الجاثية: (وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٣٣).
للسائل أن يسأل عن اختصاص سورة الزمر بقوله: (كسبوا) وسورة الجاثية بقوله: (عملوا) وعن الفائدة في ذلك؟
والجواب أن يقال: إنما جاء قوله: (كسبوا) في هذه السورة بناء على ما وقع
الخبر به عن الظالمين فى الآية التي قبل هذه الآية حيث يقول: (أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٢٤)
، ثم اعترضت آيات تؤكد ما على الظالمين من الوعيد، وتقوي ما للمصدقين من الوعد إلى أن انتهت إلى ذكر هؤلاء الظالمين الذي قيل لهم: ذوقوا ماكنتم تكسبون) فقال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (٤٧) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٤٨)
، فكان المعنى: ولو أنّ للظالمينِ الذين تقدم ذكرهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب، ثم قال: (وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا) أي الجزاء على ماكسبوا من سيئآتهم، كما قيل لهم: ذوقوا ماكنتم تكسبون)، أي: جزاءه، ثم تبعه ذكر السب فى الآيات الئى بعدها فى قوله: (قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٥٠) فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (٥١).


الصفحة التالية
Icon