وكتاب الإمام الخطيب أبي عبد الله درة التنزيل وغرة التأويل هو أقدم المصنفات فيما نعلم التي صنفت مستقلة، مخصصة في توجيه ما يتشابه، أو يتماثل، أو يتكرر من ألفاظ القرآن وآياته، عرفه علماء هذا الشأن قديما وحديثا، فأثنوا عليه، واتخذوا مثلا يحتذي، مع أن المعاصرين لم يروه إلا من خلال مطبوعة غير محققة، كثيرة الخطأ والخلل، والسقط.
وإني أحمد الله تعالى على أن وفقني، بمنه وكرمه، إلى تحقيق هذا الكتاب النفيس والاستفادة منه، وتقديمه إلى العلماء والقراء، إعلاء لكلام الله، وخدمة له، ونشر كنوزه بين أبناء الأمة الإسلامية عامة، وبين المتخصصين في الدراسات القرآنية خاصة، إذ أن القارئ الكريم سيجد في مباحثه اليوم وفي الغد إن شاء الله ما يساعده للرد على الطاعنين في القرآن الكريم، بجانب ما سيعلمه من أسرار التكرار، والتشابه اللفظي في كتاب الله عز وجل.
والكتاب الذي بين أيدينا يخرج محققا لأول مرة، وأنا بعد هذا الجهد لشاكر لله تعالى فضله علي، إذ وفقني إلى إخراجه في هذه الصورة، وسعيد بأنني عشت في رحاب القرآن أربع سنوات، وأمضيت بجواره أياما وليالي، هي من أحسن أيام العمر، وهل هنالك لحظات أسعد أهنأ آنس للنفس وأمتع من تلك التي يقضيها المؤمن مع كتاب ربه؟ يتدبر معانيه، ويستجلي أسراره، ويتلقى نفحاته، فيزيد إيمان.