والمسألة الرابعة في هذه الآية تقديم قوله عز من قائل: (وقولوا حطة) وتأخيره في سورة البقرة عن قوله: (وادخلوا الباب سجدا) والجواب عن ذلك مما يحتاج إليه في مواضع من القرآن في مثل هذه الآية التي قصدنا الفرق بين مختلفتها: وهو أن ما أخبر الله تعالى به قصة موسى عليه السلام وبني اسرائيل وسائر الأنبياء صلوات الله عليهم وما حكاه من قولهم وقوله عز وجل لهم لم يقصد إلى حكاية الألفاظ بأعيانها، وإنما قصد إلى اقتصاص معانيها، وكيف لا يكون كذلك؟ واللغة التي خوطبوا بها غير العربية، فإذا حكاية اللفظ زائلة وتبقى حكاية المعنى، ومن قصد حكاية المعنى كان مخيرا بأن يؤديه بأي لفظ أراد، وكيف شاء من تقديم وتأخير بحرف لا يدل على ترتيب كالواو، ولو قصد حكاية اللفظ ثم وقع في المحكى اختلاف لم يجز، ولو قال قائل حاكيا عن غيره: قال فلان: زيد وعمرو ذهبا، وكان هذا لفظا محكيا، ثم قال ثانيا قاصدا إلى حكاية هذه اللفظة