فإذا كانت رتبة (يعلمون) زائدة على رتبة (يعقلون) فأخبر الله تعالى عن الكفار في سورة المائدة فقال (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أول كان آبائهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون) المائدة: ١٠٤ فبين أنهم ادعوا رتبة العلم بصحة ما كان آباءهم عليه، لأنهم قالوا: (حسبنا ما وجنا عليه آباءنا)، ولفظة حسبنا تستعمل فيما يكفي في بابه ويغني عن غيره، فالمدرك للشيء إذا أدركه على ما هو به وسكنت نفسه إليه فذاك حسبه، فاستعمل لفظة يعملون ونفي عنهم النهاية لأنهم اعدوها بقولهم: حسبنا، فكأنهم قالوا: معنا علم سكنت نفوسنا إليه مما وجدنا عليه آباءنا من الدين، فنفى ما ادعوه بعينه وهو العلم.
والموضع الأول في سورة البقرة لم يحك عنهم فيه أنهم ادعوا تناهيهم في معرفة ما اتبعوا عليه آباءهم، بل كان قوله تعالى: (وإذ قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله


الصفحة التالية
Icon