وكان أول ذلك قوله: (فإن كذبوك) والتقدير: فإن يكذبوك، فوضع الماضي الذي هو أخف موضع المستقبل الذي هو أثقل بدلالة إنالتي للشرط وحصول الخفة في اللفظ، ثم إن الفعل الذي جاء في جواب الشرط بني للمفعول، ولم يسم فاعله، فكان الاختيار أن يجعل آخر الكلام كأوله بالاكتفاء بما قل عما كثر منه مع وضوح المعنى.
والآية التي في سورة الملائكة صدرت بما يخالف ذلك في الموضعين، لأن الشرط جاء
فيها على الأصل بلفظ المستقبل، وهو: (وإن يكذبوك) وجاء الجزاء أيضا مبنيا للفاعل، ولم يحذف منه ما حذف من الأول. فلما قصد توفيه اللفظ حقه أتبع آخر الكلام أوله في توفية كل معمول في عامله، وهي حروف الجر التي استوفتها المجرورات، فلذلك اختلفت الآيتان والله أعلم.