النصارى، وعلى ضوء ذلك ذكر مناسبة ختم الأولى بالكافرين، وختم الثانية
بالظالمين ولم يذكر مناسبة ختم الآية الثالثة بالفاسقين لوضوحها والله أعلم لأنه تقدم قوله تعالى: وليحكم وهو أمر، فناسب ذكر الفسق لأن من يخرج عن أمر الله تعالى يكون فاسقا كما قال تعالى: وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه، الكهف: ٥٠، أي خرج عن طاعة أمره تعالى، ينظر البحر المحيط لأبي حيان.
وما ذهب إليه المؤلف رحمه الله من أن هذه الآيات الثلاث في أهل الكتاب هو رأي جمع من المفسرين كأبي صالح والضحاك وعكرمة، وهو اختيار الطبري في تفسيره، والنحاس في كتابه إعراب القرآن، وهناك أقوال أخرى ذكرها المفسرون، والراجح، وإن كان السياق في أهل الكتاب أن ظاهر هذه الآيات: العموم، وإلى ذلك ذهب ابن مسعود وإبراهيم النخعي والحسن، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكل من استحل الحكم بغير ما أنزل الله جاحدا به فهو كافر. وأما من لم يحكم بما أنزل الله وهو مقر تارك الظالم الفاسق.
قال الطبري في تفسيره: فإن قائل الله تعالى ذكره قد عم بالخير بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله، فكيف جعلته خاصا؟ قيل: إن الله تعالى عم بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم على سبيل ما تركوه، كافرون، وكذلك القول في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحدا به، هو بالله كافر، كما قال ابن عباس، لأنه بجحده حكم الله بعد علمه أنه أنزله في كتابه نظير نبوة نبيه بعد علمه أنه نبي.
قال الآلوسي رحمه الله في تفسيره ولعل الله تعالى وصفهم بالأوصاف الثلاث باعتبارات مختلفة، فالانكارهم ذلك وصفوا بالكافرين، ولوضعهم الحكم في غير موضعه وصفوا بالظالمين، ولخروجهم عن الحق وصفوا بالفاسقين، وهو أي الآلوسي يرى أيضا أن الخطاب يشمل اليهود وغيرهم فيقول: والوجه أن هذا كالخطاب عام لليهود وغيرهم، وهو مخرج مخرج التغليظ


الصفحة التالية
Icon