مسألة ثانية في هذه الآيات: فإن قال قائل: فلم قال في الأولى (إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون) وقال في الثانية: (لقوم يعقلون) وفي الثالثة: (لقوم يذكرون) ؟
فالجواب: إن التفكر إعمال النظر لتطلب فائدة، وهذه المخلوقات التي تنجم من الأرض إذا أفكر فيها علم أن معظمها ليس إلا للأكل، وأن الأكل به قوام ذي روح، وأن المنعم عليه يحتاج أن يعرف المنعم به ليقصده شكر إحسانه، فهذا موضع تفكر بعث الناس ليفضي بهم إلى المطلوب منهم.
وأما تعقيب ذكر الليل والنهار وما سخر في الهواء من الأنوار بقوله: (لقوم يعقلون) فلأن متدبر ذلك أعلى رتبة من متدبر متقدما، إذ كانت


الصفحة التالية
Icon