أول العقل حتى إن من يسمعه يعترف به، وهو أن الأرض الميتة يحييها الله تعالى بماء السماء فتعود حيّة بنباتها، فكذلك لايستنكر أن يحى الخليقة بعد موتها.
وأما اختصاص الثانية بقوله: (يعقلون) فلأنه قال: (... نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (٦٦))
، وقد علمنا أن الفرث والدم لا ينعصر منه ما يسوغ للشارب، وأن الدم أحمر فيحول بقدرة الله تعالىَ لبناً أبيض طيباً بعد بُعده ممّا استحال عنه في اللون والطيب، ففيه عبرة لمن اعتبر، ولماّ قرن إليه ثمرات النخيل والأعناب وما يتحوّل من عصيرهما إلى ما يستلذ ويجلب ما يسرّ سوى طيب رطبها ويابسها احتاج ذلك إلا تدبّر يعقل به صنع صانع لا يقدر غيره عليه، فلذلك قال في الثانية: (يعقلون).
وأما اختصاص الثالثة بقوله: (يتفكرون) فلأن التفكر استعمال الفكر حالا بعد حال، وفي النحل عجائب من صنع الله تعالى تتبع كل أعجوبة أعجوبة من طاعتها