الآية الثالثة منها
قوله تعالى: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤١).
وقال بعده في ذكر القرون:... (فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (٤٤).
للسائل أن يسأل ما الذي أوجب في الأولى: (للقوم الظالمين) وفي الثانية: (لقوم لا يؤمنون) ؟.
والجواب أن يقال: إن القصة الأولى وإن خرجت على لفظ التنكير فقال: (ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (٣١) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ... )، فإنه معلوم مَن المراد بالرسول، وبالمرسَل إليهم، ودلّ على ذلك بأن قال: أهلكتهم بالصيحة، وهم قوم صالح عليه السلام، فلمّا كان في أقوام معلومين أتى بذكرهم معرفة فقال: (فبعداً للقوم الظالمين) وخصّ وصفهم بالظلم، لأنه شيء عاملوا به غيرهم، وعاملوا به أنفسهم لتكذيبهم الرسل، وظلمهم لهم بنسبتهم إلى ما


الصفحة التالية
Icon