وأما قوله تعالى في سورة العنكبوت ٦٤: (وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وغن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون)، فليس المراد به أن الحياة الدنيا كلها لهو ولعب، وليست شيئا غيرها، لقوله: ما هي إلا هما، لأنه لو كان المراد هذا لكان لقائل أن يقول: ما هذه الحياة الدنيا إلا خوف وحزن، فالخوف اضطراب القلب لتوقع مكروه، والحزن ألمه لفقد محبوب ثم إن هذه الحياة تنطوي على أنواع من عبادة الله تعالى وعلى تلاوة كتابة، وعلى ما يكسب رضي الله عز وجل، ويوجب ثوابه الدائم، فكيف يقال فيما يتضمن كل هذه الخيرات: ليس هو إلا لهوا ولعبا، بل المراد: المبالغة في وصف قصر مدة الدنيا بالإضافة إلى مدة الأخرى، فكأنه قال: ما أمد الحياة الدنيا إلا كأمد أزمنة اللهو


الصفحة التالية
Icon