ضد القسط وهو جاهكم وسمتكم الذي تبذلون فيه الأعمار والأموال، وإقامة الوجه عند كل مسجد لا تفعلونها; إن فعلتم صليتم صلاة لا تجزئ، والإخلاص منكر عندكم، ودينكم الذي ترجون به الثواب هو الشرك.
إذا فهمت هذا فتأمل أحوال من تعرف، ونزل هذه الآية على أحوالهم ترى العجب. ثم قال: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ ١ أي لا بد أن يخلقكم للبعث كما بدأ خلقكم من نطفة.
ثم قال: ﴿فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ﴾ ٢ فهذا القدر يهدي من يشاء ويضل من يشاء، فجمع في هذه الآية الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالشرع والإيمان بالقدر; وذكر فيها تفصيل الشرع الذي أمر به، وذكر حال من عكس الأمر فجعل المنكر معروفا والمعروف منكرا. ثم ختم الآية بهذه المسألة العظيمة، وهي: ﴿إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ ٣ فلا أجهل ممن هرب عن طاعة الله واختار طاعة الشيطان، ومع هذا يحسب أنه مهتد مع هذا الضلال الذي لا ضلال فوقه، والله أعلم.

١ سورة الأعراف آية: ٢٩.
٢ سورة الأعراف آية: ٣٠.
٣ سورة الأعراف آية: ٣٠.


الصفحة التالية
Icon