قوله عز وجل: ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لَأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ ١ أبوه يعقوب بن اسحق بن إبراهيم عليه السلام، والكواكب عبارة عن إخوته، والشمس والقمر عبارة عن أبيه وأمه، ووقع تفسيرها بعد أربعين سنة، وقيل: ثمانين، حين رفع أبويه على العرش وخروا له سجدا. ولما كان تعبيرها خضوعهم له، خشي إن حدثهم أن يحسدوه فيبغون له الغوائل.
وثبت أن رسول الله ﷺ أمر من رأى ما يحب أن يحدث به، ولا يحدث إلا من يحب; وإذا رأى ما يكره فليتحول إلى جنبه الآخر، ويتفل عن يساره ثلاثا، ويتعوذ بالله من شرها، فإنها لا تضره، وفيها عدم الوثوق بنفسك وبغيرك; قيل للحسن: أيحسد المؤمن؟ قال: "أنسيت إخوة يوسف"؟ وفيها التنبيه على السبب وهو عداوة الشيطان للإنسان. وفيها كتمان النعمة ما لم يؤمر بإظهارها. وفيها كتمان السر.
قوله: ﴿وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ ٢ أي كما اختارك لهذه الرؤيا كذلك يختارك لنبوته ﴿وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيث﴾ ٣. قال مجاهد وغيره: عبارة الرؤيا ﴿وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ﴾ ٤ بإرسالك ﴿كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ﴾ ٥. وقوله: ﴿إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ ٦ أي عليم بمن يصلح للاجتباء، حكيم يضع الأشياء في مواضعها.
٢ سورة يوسف آية: ٦.
٣ سورة يوسف آية: ٦.
٤ سورة يوسف آية: ٦.
٥ سورة يوسف آية: ٦.
٦ سورة يوسف آية: ٦.