الماء يستسقي للقوم. وقوله: ﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾ أي: أظهروا أنهم أخذوه بضاعة من أهل الماء.
وقوله: ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ ١ أي: باعوه في مصر بثمن قليل، لأنهم لم يعلموا حاله. وفيه من الفوائد أن الله يبتلي أحب الناس إليه بمثل هذا البلاء العظيم عليه وعلى أبيه، ومن ذلك البلاء أنه سلط عليه من يبيعه بيع العبد.
وفيه أنه لا ينبغي للعاقل أن يستحقر أحدا، فقد يكون زاهدا فيه وهو لا يعلم.
﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ ٢. "قال ابن مسعود: "أفرس الناس ثلاثة: العزيز حيث تفرس في يوسف، والمرأة حين قالت: يا أبت استأجره، وأبو بكر في عمر" ٣.
وقوله: ﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ﴾ أي كما أنجيناه من كيد إخوته ومن الجب وجعلناه عند من يكرمه مكنا له. ﴿وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾ أي: إنما فعلنا ذلك لحكمة وهي إعطاؤنا إياه العلم والعمل; وقوله: ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾ أي: الذي يجري ما أراد، لا ما أراد العباد كما لم يعمل كيدهم في يوسف، وقوله: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾، ما أعظمها من فائدة لمن فهمها!

١ سورة يوسف آية: ٢٠.
٢ سورة يوسف آية: ٢١.
٣ يعني: عندما استخلفه فكان عند حسن ظنه. أما قول المرأة عن موسى عليه السلام فهو في سورة القصص الآية: ٢٦.


الصفحة التالية
Icon