إحداهما: المعيشة الضنك; وفسرها السلف بنوعين:
الأول: ضنك الدنيا: وهو أنه كان إنْ غنيا سلط الله عليه خوف الفقر، وتعب القلب والبدن في جمع الدنيا، حتى يأتيه الموت ولم يتهنّ بعيش.
والثاني: الضنك في البرزخ وعذاب ١ القبر.
وفُسّر الضنك في الدنيا أيضا بالجهل; فإن الشك والحيرة لها من القلق وضيق الصدر ما لها. فصار في هذا مصداق قوله في الحديث عن القرآن: "من ابتغى الهدى من غيره أضله الله" ٢ ٣ عاقبهم بضدِّ قصدهم، فإنهم قصدوا معرفة الفقه فجازاهم الله بأن أضلّهم، وكدّر عليهم معيشتهم بعذاب قلوبهم بخوف الفقر وقلة غناء أنفسهم، وعذاب أبدانهم بأن سلط عليهم الظلمة والحيرة، وأغرى بينهم العداوة والبغضاء؛ فإن أعظم الناس تعاديا هؤلاء الذين ينتسبون إلى المعرفة.
ثم قال: ﴿وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ ٤ والعمى نوعان:
٢ الترمذي: فضائل القرآن (٢٩٠٦)، والدارمي: فضائل القرآن (٣٣٣١).
٣ روى الترمذي بسنده (في كتاب ثواب القرآن) أن النبي ﷺ قال: كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم، وخبر من بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله.. وذلك في حديث طويل، ثم علق عليه الترمذي بقوله: "هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وإسناده مجهول، وفي الحارث (راويه) مقال". سنن الترمذي (كتاب ثواب القرآن).
٤ سورة طه آية: ١٢٤.