﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً﴾ ١ ومعنى هذا أن الرجل من العرب كان إذا أمسى في واد قفر وخاف قال: أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه; يريد الجن وكبيرهم، فلما سمع ذلك الجن استكبروا وقالوا: سُدْنا الجن والإنس; فذلك الرهق، والرهق في كلام العرب غشيان المحارم. ﴿وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً﴾ ٢ قيل: إنه مما حكى الله عن الجن أي: أن الإنس ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا، وقيل من كلام الله.
والضمير في: ﴿وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا﴾ للجن، والخطاب في ﴿ظَنَنْتُمْ﴾ للإنس.
﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً﴾ ٣ يؤخذ من قوله: ﴿مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً﴾ ٤ أن الحادث الملأ والكثرة، وكذلك مَقَاعِدَ أي: كنا نجد بعض المقاعد خالية من الحرس، والآن ملئت المقاعد كلها. ومعنى هذا أنهم يذكرون سبب ضربهم في البلاد حتى عثروا على رسول الله ﷺ فعلموا أن الله أراد بهم رشدا ٥.
٢ سورة الجن آية: ٧.
٣ سورة الجن آية: ٧-٨.
٤ سورة الجن آية: ٨.
٥ قوله تعالى: (وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا) الآية: ١٠.