وأصحابه والأئمة من بعدهم على ما نحن عليه، ثم تنكرونه أعظم من إنكار دين اليهود والنصارى مع إقراركم أنه الدين الذي عليه رسول الله ﷺ وأصحابه والأئمة؟ أم كيف تنصرون الشرك وما يتبعه، وتبذلون في نصره النفس والمال مع إقراركم أنه دين الجاهلية المشركين؟ هذا هو الشيء العجاب، لا جعل الآلهة إلها واحدا، يا أعداء الله لو كنتم تعقلون!! وليس هذا في هذه المسألة وحدها بل كل مسألة اختلفنا وإياهم فيها، وأقروا أن ما نحن عليه هو الذي عليه رسول الله ﷺ وأصحابه; فهذه الخصومة فيها واقعة فاصلة لها.
فإن أقروا بذلك، ولكن زعموا أن الناس أحدثوا أمورا تقتضي حسن ما هم عليه، كقولهم: هذه بدعة حسنة فيها من المصالح كذا وكذا; وفي تركها من المفاسد كذا وكذا، فيجاوبون بالمسألة الثالثة، وهي قوله: ﴿أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ﴾ ١. فإذا كان رسول الله ﷺ بإقراركم أوصانا بقوله: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ٢"، فقد أقررتم أنه أمر بلزوم ما أمرتم بتركه، وأنه نهى عما أمرتم بفعله; مع إقراركم أنه أوصى بهذه الوصية عند وقوع الاختلاف في أمته، مع إقراركم أنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فالله سبحانه قد علم ما يحدث في خلقه إلى يوم القيامة، ومع هذا أمر بطاعة رسوله الذي أقررتم به وأنتم تشهدون أنه قاله.
فإذا بان لك أن الأولى، في الأمر بالإخلاص والنهي عن الشرك، وأن الثانية في الأمر بلزوم

١ سورة البقرة آية: ١٤٠.
٢ رواه أبو داود في كتاب السنة، كما رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد، ورواه الدارمي في مقدمة سننه.


الصفحة التالية
Icon