في الظاهر والباطن، وفيه أن الإيمان به لا يكفي عن نصرته، بل لا بد من هذا وهذا. وفيه أخذه تعالى الميثاق على الأنبياء بذلك دليل على شدته إلا على من يسره الله عليه، وفيه أن من آتاه الله الكتاب والحكمة أحق بالانقياد للحق إذا جاء به من بعده، بخلاف ما عرف من حال الأكثر من ظنهم أنه لو اتبعه غيرهم فهو نقص في حقهم. وفيه مزيد التأكيد بقوله: ﴿أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي﴾ ١ وفيه إشهادهم مع شهادته سبحانه; وفيه أن من تولى بعد ذلك فجرمه أكبر، وفيه أن الآخر مصدق لما معهم لا مخالف له.
فإذا كان هذا في أهل الملل فكيف بأهل الملة الواحدة إذا ضلوا ثم جاءهم من يرشدهم إلى دينهم الذي أنزل الله عليهم، وهو الذي ينتحلونه؟ فإن تولوا بعد معرفته فأولئك هم الفاسقون.
فإن جمعوا مع التولي تكذيبه، وإن جمعوا مع التكذيب الاستهزاء; فإن جمعوا مع ذلك عداوته الشديدة، فإن أضافوا إلى ذلك تكفير من صدق كتابهم ونبيهم واستحلال دمه وماله، فإن أضافوا إلى ذلك كله اتباع دين المشركين أعداء نبيهم، ونصروه بما قدروا عليه، وبذلوا النفوس والأموال في نصرته، وعداوة دين نبيهم وإزالته من الأرض، حتى لا يذكر فيها فالله، المستعان.
و ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ﴾ ٢.

١ سورة آل عمران آية: ٨١.
٢ سورة الأعراف آية: ٤٣.


الصفحة التالية
Icon