من الإنصاف والعدل موالاته، وعصيان المنعم جل جلاله، كما ذكر هذه الفائده بقوله: ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً﴾ ١. ومنها معرفة شدة عداوة عدو الله لنا، وحرصه على إغوائنا بكل طريق، فيعتد المؤمن لهذا الحرب عدته، ويعلم قوة عدوه وضعفه عن محاربته إلا بمعونة الله، كما قال قتادة ٢: إن عدوا يرانا هو وقبيله من حيث لا نراهم إنه لشديد المؤنة إلا من عصمه الله. وقد ذكر الله عداوته في القرآن في غير موضع، وأمرنا باتخاذه عدوا.
ومنها وهي من أعظمها معرفة الطرق التي يأتينا منها عدو الله، ذكر الله تعالى عنه في القصة أنه قال: ﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ ٣، وإنما تعرف عظمة هذه الفائدة بمعرفة شيء من معاني هذا الكلام.
قال جمهور المفسرين: انتصب صراط بحذف " على "، التقدير: لأقعدن لهم على صراطك قال ابن القيم: والظاهر أن الفعل مضمر، فإن القاعد على الشيء ملازم له، فكأنه قال: لألزمنه ولأرصدنه ونحو ذلك. قال ابن عباس: دينك الواضح ﴿مِنْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ يعني الدنيا والآخرة، ﴿وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾ يعني الآخرة والدنيا، {وَعَنْ

١سورة الكهف آية: ٥٠.
٢ هو أبو الخطاب الضرير الأكمه قتادة بن دعامة السدوسي، مفسر الكتاب المحدث، كان آية في الحفظ، إماما في النسب، رأسا في العربية واللغة وأيام العرب. توفي عام ١١٧ هـ، راجع مثلا: المعارف ص ٦٠ وشذرات الذهب ١-١٥٣.
٣سورة الأعراف آية: ١٧-١٨.


الصفحة التالية
Icon