ومنها أنه لا ينبغي للمؤمن أن يغتر بخوارق العادة إذا لم يكن مع صاحبها استقامة على أمر الله، فإن اللعين أنظره الله تعالى ولم يكن ذلك إلا إهانة له وشقاء له، وحكمة بالغة يعلمها الحكيم الخبير، فينبغي للمؤمن أن يميز بين الكرامات وغيرها، ويعلم أن الكرامة هي لزوم الاستقامة.
ومنها أن الأمور التي يحرص عليها أهل الدنيا قد تكون عقوبة ومحنة، والجاهل يظنها نعمة، مثل المال والجاه وطول العمر، فإن الله أعطى اللعين من النظرة ما أعطاه.
ومنها أن يعلم المؤمن أن الذنوب كثيرة ولا نجاة له منها إلا بمعونة الله وعفوه، وأن كثيرا منها قد لا يعلمه من نفسه، فإن أكثر الكبائر القلبية مثل الرياء والكبر والحسد، وترك التوكل والإخلاص وغير ذلك، قد يتلطخ بها الرجل وهو لا يشعر، ولعله يتورع عن بعض الصغائر الظاهرة، وهو في غفلة عن هذه العظائم. ومنها أن يعرف قدر معصية الحسد وكيف آل باللعين حسده إلى أن فعل به ما فعل.
ومنها وهو من أحسنها أن يعرف صحة ما ذكر عن بعض السلف أن من لم يجاهد في سبيل الله ابتلي بالجهاد في سبيل الشيطان، ومن بخل بإنفاقه المال في طاعة الله ابتلي بإنفاقه في المعاصي وفيما لا ينفعه، ومن لم يمش في طاعة الله خطوات، مشى في طاعة الشيطان أميالا وأشباه ذلك، والدليل من القصة أبلغ من هذا بكثير، فإن اللعين أبى أن يسجد لزعمه أن ذلك نقص في حقه، ثم صار بعد ذلك يكدح جهده في القيادة والدياثة وأنواع الرذائل.