المطلب الثالث: حفظ القرآن الكريم على الأرض.
لقد حفظ الله عز وجل القرآن الكريم على الأرض بواسطة رسول الله ﷺ الذي استقبله فأحسن الاستقبال، وحفظه أتم حفظ، وقام به خير قيام، وبلغه أحسن تبليغ والشواهد على ذلك كثيرة منها:
١- قوله تعالى ﴿لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ. إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ. فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ القيامة: ١٦، ١٩). فكان ﷺ حين نزول القرآن عليه يتعجل ويبادر بأخذه، واختلف في سبب ذلك.
* فقيل: لما يجده من المشقة عند النزول، فيتعجل لتزول المشقة سريعاً.
* وقيل خشية منه ﷺ أن ينساه، أو يتفلت منه شيء.
* وقيل: لأجل أن يتذكره.
* وقيل: من حبه إياه.
قال ابن حجر – بعد ذكر هذه الأسباب – "ولا بعد في تعدد السبب"١.
ومما ورد في تفسير هذه الآيات ما أخرجه البخاري وغيره عن موسى بن أبي عائشة أنه سأل سعيد بن جبير عن قوله تعالى ﴿لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ﴾ قال: وقال ابن عباس: "كان يحرك شفتيه إذا أُنْزِل عليه، فقيل له: ﴿لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ﴾ يَخْشى أن يَتَفَلَّتَ منه ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَه﴾ أن نجمعه في صدرك ﴿وَقُرْآنَهُ﴾ أن تَقْرأَهُ ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ﴾ يقول: أُنْزِل عليه ﴿فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ أن نُبِيَّنه على لسانك"٢

١فتح الباري ج٨ – ص ٥٢٤.
٢الأثر أخرجه البخاري في كتاب التفسير، تفسير سورة القيامة، باب (إن علينا جمعه وقرآنه) صحيح البخاري ج٦ – ص٧٦


الصفحة التالية
Icon