المطلب الثاني: سبب تردد أبي بكر الصديق في قبول عرض عمر رضي الله عنهما بجمع القرآن:
نلحظ من الحديث السابق الذي رواه البخاري أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه تردد في أول الأمر – في قبول عرض عمر بن الخطاب رضي الله عنه بجمع القرآن الكريم. ولعل السبب في ذلك أن أبا بكر رضي الله عنه ظن أن جمع القرآن الكريم كله في مصحف واحد بدعة في الدين، فخاف أن يحدث فيه ما لم يفعله الرسول ﷺ أو يأمر به، ولذلك قال رضي الله: "كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال ابن بطال: "إنما نفر أبو بكر أولاً، ثم زيد بن ثابت ثانياً، لأنهما لم يجدا رسول الله ﷺ فعله، فكرها أن يحلا أنفسهما محل من يزيد احتياطه للدين على احتياط الرسول١.
ولكن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذ يقنع أبا بكر بصواب الفكرة، وأن في هذا الأمر خيراً، ولم يزل به حتى اقتنع بأهمية ذلك، ولذا قال: "فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك".
وبنفس الإقناع اقتنع زيد في آخر الأمر حيث قال "لم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما".
قال ابن حجر: "وقد تسول لبعض الروافض أنه يتوجه الاعتراض على أبي بكر بما فعله من جمع القرآن في المصحف فقال: كيف جاز أن يفعل شيئاً لم يفعله الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام؟ والجواب: أنه لم يفعل