الله عليهم من ذهاب شيء من القرآن بذهاب حفاظه باستشهادهم في المعارك أو موتهم، فكتابته مجموعاً في مصحف واحد فيه أمان وحفظ له مما قد يحصل في المستقبل، ويدل لهذا ما أفصح عنه عمر رضي الله عنه بقوله: "إن القتل قد استحرّ يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحرّ القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن" فذهاب بعض القراء قد يعني ذهاب الآخرين، فبهذا العمل أمكن تدارك الأمر منذ بدايته١.
١انظر: أضواء على سلامة المصحف الشريف من النقص والتحريف ص٦١، وجمع القرآن ص٩١.
المطلب الرابع: سبب اختيار زيد بن ثابت رضي الله عنه:
لقد أبان أبو بكر الصديق رضي الله عنه في كلامه الصفات التي جعلته يختار زيد بن ثابت رضي الله عنه لمهمة جمع القرآن الكريم حيث قال: "إنك رجل شاب، عاقل، لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله ﷺ فتتبع القرآن فاجمعه" ويمكن إيضاحها بما يلي:
١. إنه شاب يتوفر فيه النشاط والحماسة، فيكون أنشط لما يطلب منه، وحتى لا تفتر عزيمته أثناء العمل.
٢. إنه عاقل فطن يحسن التصرف، فيكون أوعى لما يعمله، وحتى لا يقع في عمله نقص أو خلل.
٣. إنه غير متهم في دينه لا يتطرق إليه تجريح أو تفسيق فلا يكون في عمله أدنى ريبة أو شك، وقد استشعر هو خطورة المهمة وضخامتها حيث قال: "فو الله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ مما أمرني به من جمع القرآن".