وكان أبو بكر أول من جمع كتاب الله وسماه "المصحف"١.
وعلى أي حال فإن المصحف يطلق على مجموع الصحائف المدون فيها القرآن الكريم، أما القرآن فهو الألفاظ ذاتها.

١الإتقان في علوم القرآن ج١ – ص١٨٥ النوع السابع عشر.

المطلب التاسع: خبر هذا المصحف:
دل الحديث السابق الذي أخرجه البخاري على أن الصحف التي جمع فيها القرآن سلمت إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه فحفظه عنده، حتى توفي سنة ١٣هـ، ثم آلت إلى أمير المؤمنين من بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حتى توفي سنة ٢٣هـ، وبعد وفاته بقيت عند ابنته حفصة بنت عمر أم المؤمنين رضي الله عنها، لأن عمر رضي الله عنه جعل أمر الخلافة من بعده شورى، فبقى عندها إلى أن طلبه عثمان بن عفان رضي الله عنه لنسخها، ثم أعادها إليها مرة أخرى.
وبقي عندها حتى أرسل مروان بن الحكم٢ يسألها إياه فامتنعت، ولما توفيت أرسل مروان إلى أخيها عبد الله بن عمر رضي الله عنها – ساعة رجعوا من جنازة حفصة – ليُرْسِلَنّ إليه بتلك الصحف، فأرسل بها إليه، فأمر بها مروان فشققت، فقال مروان:
"إنما فعلتُ هذا، لأن ما فيها قد كتب، وحفظ بالمصحف، فخشيت إن طال بالناس زمان أن يَرْتاب في شأن هذه الصحف مرتاب، أو يقول: إنه قد كان شيء منها لم يكتب"٣.
٢ مروان بن الحكم قام بالشام بعد بيعة ابن الزبير بأشهر، فبايعه جماعة من أهل الشام سنة ٦٤هـ، ثم مات في رمضان سنة ٦٥هـ، فكانت ولايته تسعة أشهر وعشرين يوماً، وتولى بعده ابنه عبد الملك بن مروان انظر: تلقيح فهوم أهل الأُثر لابن الجوزي ص٨٥.
٣ انظر: المرشد الوجيز ص٥٢، وتاريخ القرآن للأبياري ص ٨٨، ٨٩.


الصفحة التالية
Icon