فكان بينهم اختلاف في حروف الأداء، ووجوه القراءات، فكان إذا ضمهم مجمع أو موطن من مواطن الغزو عجب البعض من وجود هذا الاختلاف حتى كاد الأمر يصل إلى النزاع والشقاق بينهم وإنكار بعضهم على بعض وبخاصة من الذين لم يسمعوا من النبي ﷺ مباشرة القراءات القرآنية.
أخرج ابن أبي داود عن أيوب عن أبي قلابة قال: "لما كان في خلافة عثمان جعل المعلم يعلم قراءة الرجل والمعلم يعلم قراءة الرجل، فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين، قال أيوب: لا أعلمه إلاّ قال: حتى كفر بعضهم بقراءة بعض، فبلغ ذلك عثمان فقام خطيباً فقال: أنتم عندي تختلفون فيه فتلحنون، فمن نأى عني من الأمصار أشد فيه اختلافاً وأشد لحناً، اجتمعوا يا أصحاب محمد واكتبوا للناس إماماً"١
وممن لا حظ الاختلاف في الأمصار حذيفة بن اليمان رضي الله عنه المتوفى سنة ٣٦هـ حيث شارك في فتح "أرمينية، وأذربيجان" سنة ٢٥هـ الذي اشترك فيه أهل الشام وأهل العراق، فرأى اختلافاً كثيراً بين المسلمين في وجوه القراءة، وسمع ما كان يحصل بينهم من تجريح، وتأثيم بعضهم البعض، وقرر الركوب إلى أمير المؤمنين عثمان بن عفان لإخباره بما رأى. أخرج البخاري – قصة ذلك – في الحديث الذي رواه أنس بن مالك حيث قال: "إن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح "أرمينية، وأذربيجان " مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في