به من مسجد عتيق في بصرى، وكان الناس يقولون: إنه المصحف العثماني١، وبعضهم يرى أنه نقل إلى إنجلترا٢
وفي مصر الآن مصاحف أثرية، يقال إنها مصاحف عثمانية – في المسجد الحسيني، ودار الكتب المصرية – ولكن يستبعد ذلك لوجود زركشة وزينة ونقوش فاصلة بين السور، وعلامات لبيان أعشار القرآن، ولا شك أن المصاحف العثمانية كانت خالية من كل هذا، ومن النقط والشكل٣٠
وعلى أي حال فإن فقد هذه المصاحف لا يقلل من ثقتنا بما تواتر واستفاض نقله من المصاحف، ثقة عن ثقة وإماماً عن إمام، وسواء أوجدت هذه المصاحف أم لم توجد فإنا على يقين بسلامة القرآن الكريم من الزيادة أو النقصان٤.
وهكذا سجلت الأمة الإسلامية بحفظها القرآن الكريم في الصدور والسطور منذ نزول القرآن الكريم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم بصنيع أبي بكر، ثم بصنيع عثمان بن عفان رضي الله عنهم، مزية ليس لأمة غيرها، نقلوه عن الأصل المكتوب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومقابلة ذلك بما حفظوه في صدورهم، وبذلوا فيه كل عوامل الدقة والاستيثاق، فجاء كاملاً، محفوظاً، عزيزاً، تحقيقاً لقوله تعالى ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (الحجر: ٩). وقوله ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ. لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ (فصلت: ٤١- ٤٢)

١خطط الشام لمحمد كرد علي ج٥ – ص٢٦٢.
٢انظر: مباحث في علوم القرآن لصبحي الصالح ص٨٨.
٣انظر: مناهل العرفان ج١ – ص٤٠٤.
٤انظر: مدخل إلى القرآن لدراز ص٤٠.


الصفحة التالية
Icon