أشد فيه اختلافاً وأشد لحناً، اجتمعوا يا أصحاب محمد فاكتبوه للناس إماماً١.
وأخرج ابن أبي داود من طريق سويد بن غفلة الجعفي قول علي رضي الله عنه.
(يا أيها الناس: لا تغلوا في عثمان ولا تقولوا له إلا خيراً.. فو الله ما فعل الذي فعل المصاحف إلا من ملأ منا جميعاً، فقال: ما تقولون في هذه القراءة؟ فقد بلغني أن بعضهم يقول: إن قراءتي خير من قراءتك، وهذا يكاد أن يكون كفراً، قلنا: فما ترى؟ قال: نرى أن يجمع الناس على مصحف واحد، فلا تكون فرقة ولا يكون اختلاف، قلنا: فنعم ما رأيت.. قال: قال علي: والله لو وليت لفعلت مثل الذي فعل) ٢.
لهذه الأسباب والأحداث، رأى عثمان بثاقب رأيه، وصادق نظره، أن يتدارك الأمر، فجمع أعلام الصحابة وذوي البصر منهم، وأجال الرأي بينه وبينهم في علاج هذه الفتنة، فأجمعوا أمرهم على استنساخ مصاحف لإرسالها إلى الأمصار، فيؤمر الناس باعتمادها، والتزام القراءة بما يوافقها، وبإحراق كل ما عداها، وتعتبر تلك المصاحف العثمانية الرسمية الأساس والمرجع المعتمد لحسم الخلاف وقطع النزاع والمراء٣.
وقد نظم ذلك الإمام أبو عمرو الداني (رحمه الله) فقال:
وولي الناسَ الرضا عثمانُ | وبايع الكل له ودانوا |
٢ كتاب المصاحف: ١/٢١٣-٢١٤، وراجع السنن الكبرى للبيهقي: ٢/٤٢، والمرشد الوجيز، ص: ٥٤، ولطائف القسطلاني: ١/٦١، والإتقان للسيوطي: ١/١٦٩-١٧٠.
٣ راجع الإتقان: ١/١٨٧، وما بعدها، ومناهل العرفان: ١/٢٥٥-٢٥٧.