المجمع عليه من الأصحاب، المنقول إلينا جيلاً بعد جيل على هيئته التي وضع عليها أول مرة، ولا ثقة لنا بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو عند الحفاظ بالإسناد الصحيح المتواتر ١".
مفهوم جمع القرآن:
جمع القرآن يعني أمرين اثنين، وهما:
أ-حفظه واستظهاره في الصدور٢:
فقد حفظ الرسول ﷺ كل ما نزل عليه من الوحي في صدره الشريف، وليس أدل على ذلك من قوله تعالى ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ (الأعلى: ٦)، وكان الرسول ﷺ يعارض جبريل بالقرآن في كل عام مرة، وفي العام الذي انتقل فيه إلى رفيقه الأعلى عارضه مرتين.
كما ثبت ذلك في صحيح البخاري وغيره عن عائشة عن فاطمة رضي الله عنهما أنها قالت: أسَرَّ إليَّ النبيُّ ﷺ أنَّ جبريلَ كانَ يعارضُنِي بالقرآنِ كلَّ سنةٍ وأنهُ عارضَنِي العامَ مرَّتينِ ولا أراهُ إلا حضَرَ أجَلِي ٣".
وفي ذلك يقول الإمام أبو عمرو الداني٤:
٢ومنه قول عثمان رضي الله عنه: ولقد جمعت القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي حفظته، تاريخ الخلفاء للسيوطي، ص: ١٦٢.
٣ البخاري، فضائل القرآن: ٦/١٠١، المناقب، رقم: ٣٣٥٣ن مسلم، فضائل الصحابة رقم: ٢٤٥٠، أبو داود رقم: ٥٢١٧، مسند أحمد، رقم: ٢٥٢٠٩، وراجع فضائل القرآن لأبي الفضل الرازي، ص: ٥١، البرهان للزركشي: ١/٢٣٢، لطائف الإشارات للقسطلاني: ١/٢٣.
٤ عثمان بن سعيد بن عثمان، أبو عمرو الداني، القرطبي، علم من أعلام القراء، ثقة حجة في القراءات وعلومها، ولد بدانية من بلاد الأندلس في: ٣٧١هـ، له أكثر من مائة مؤلف، أشهرها التيسير في القراءات السبع الذي نظمه الشاطبي في اللامية، توفي بدانية في ٤٤٤هـ، معرفة القراء الكبار: ١/٤٠٦، غاية النهاية: ١/٥٠٣.