أ - يرى بعض المتأخرين من العلماء أن بينهما تغايراً كلياً، أي هما شيئان مختلفان، لأن القرآن هو الوحي المنزل على محمد ﷺ للبيان والإعجاز، والقراءات: هي اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في الحروف أو في كيفيتها من تخفيف وتشديد وغيرهما…١
ب - ويرى بعض المعاصرين أنهما حقيقتان بمعنى واحد – أي بينهما اتحاد كلي -، وذلك لأن القرآن: مصدر مرادف للقراءة، والقراءات: جمع قراءة، إذاً فهماً حقيقتان بمعنى واحد، كما أن أحاديث نزول القرآن على الأحرف السبعة تدل دلالة واضحة على أنه لا فرق بينهما، إذ كل منهما وحي منزل٢.
ج- والذي نراه هنا – والله أعلم – هو أن نفصل القول في القراءات.
فالقراءات قسمان: المقبولة والمردودة.
أما المقبولة، فهي التي تتوفر فيها الشروط الثلاثة المتفق عليها لقبولها، وهي:
أن تكون القراءة متواترة، وأن توافق وجهاً من وجوه اللغة العربية، وأن توافق أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً.
وهذا القسم هو الذي قال فيه العلماء:
(١) يجب على كل مسلم اعتقاد قرآنيته.
(٢) يقرأ به تعبداً في الصلوات وخارجها.
(٣) يكفر جاحدُ حرفِ منه.
وهذا بعينه هو ما يقال في القرآن، وهل يقرأ القرآن إلا برواية من روايات القراءات المتواترة؟ كما نقرأ نحن اليوم برواية الإمام حفص عن عاصم، ويقرأ أهل ليبيا برواية الإمام قالون عن نافع، ويقرأ أهل
٢ انظر" في رحاب القرآن " للدكتور/ محمد سالم محيسن: ١/٢٠٩، وقد رد عليه الدكتور/ شعبان محمد إسماعيل واستبعد قوله وذهب إلى أنهما ليسا متغايرين تغايراً كلياً كما أنهما ليسا متحدين اتحاداً كلياً، بل بينهما ارتباط وثيق كارتباط الجزء بالكل، انظر: القراءات أحكامها ومصدرها ص ٢٣، وهامشه على كتاب "اتحاف فضلاء البشر" للدمياطي: ١/٦٩.