لرسول الله ﷺ مشهوراً بالصدق والأمانة، وتفقه في الدين حتى أصبح رأساً بالمدينة في القضاء والفتوى والقراءة والفرائض على عهد عمر وعثمان وعلي رضي الله عنه، وكان يعد من الراسخين في العلم، توفي سنة ٤٥هـ، ولما توفي رثاه حسان بن ثابت، وقال أبو هريرة: اليوم مات حبر هذه الأمة وعسى الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفاً١.
لقد اختاره أبو بكر رضي الله عنه لهذه المهمة العظيمة والخطب الجسيم لما تفرس فيه من الأمانة ورجاحة العقل وقربه من الرسول ﷺ واعتماده ﷺ عليه.
يقول العلامة الزرقاني٢ في ذلك:
" اجتمع فيه من المواهب ذات الأثر في جمع القرآن، ما لم يجتمع في غيره من الرجال، إذ كان من حفاظ القرآن، ومن كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد العرضة الأخيرة للقرآن في ختام حياته ﷺ وكان فوق ذلك معروفاً بخصوبة عقله، وشدة ورعه، وعظم أمانته، وكمال خلقه، واستقامة دينه٣.
وقال: ويؤيد ورعه ودينه وأمانته قوله (فو الله لو كلفوني نقل جبل من الجبال، ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن) ٤.
ويشهد بوفرة عقله تردده وتوقفه أول الأمر ومناقشته لأبي بكر حتى راجعه أبو بكر وأقنعه بوجه الصواب.
وينطق بدقة تحريه قوله:
٢ محمد بن عبد العظيم الزرقاني، علم بارز من أعلام الأزهر، تخرج بهاء ودرس فيها، وتأليفه: مناهل العرفان خير دليل على طول باعه، وعلوم مكانته في علوم القرآن، توفي بالقاهرة سنة: ١٣٦٧هـ، الأعلام: ٦/٢١٠.
٣ مناهل العرفان: ١/٢٥٠، وراجع الفتح: ٩/١٣، والمقنع: ١٢٤.
٤ البخاري، فضائل القرآن: ٤٦٠٣، الترمذي، التفسير: ٣٠٢٨، أحمد، مسند العشرة المبشرين بالجنة: ٧٢، ومسند النصار: ٢٠٦٥٧.