مصحف، وهي مصاحف فردية، ليست لها تلك الثقة ولم تنل حظها من الدقة والتحري، والجمع والترتيب، والاقتصار على ما لم تنسخ تلاوته، والمزايا التي ذكرناها سابقاً، ولم يحجر أبو بكر على أحد جمع وكتابة مصحف لنفسه، فكتابة القرآن أمر مسموح لجميع المسلمين، وكان الصحابة يكتبونه لأنفسهم، منهم أبي بن كعب١، وابن مسعود… وغيرهما من الصحابة، وإذا كان بعض المصاحف قد سبق في الوجود على صحف أبي بكر فإن جمع أبي بكر هو الأول من نوعه على كل حال٢.
١ الإتقان: ١/٧٢.
٢ راجع مناهل العرفان: ١/٢٥٤ –٢٥٥.
٢ راجع مناهل العرفان: ١/٢٥٤ –٢٥٥.
المطلب الخامس: وسائل الجمع:
لم تكن وسائل الكتابة وأدواتها متوفرة وميسرة في عصر الصحابة وما قبله، فكان الناس يستخدمون لتسجيل أفكارهم وأشعارهم ومعاهداتهم ووثائقهم وسائل مختلفة من الأحجار والجلود والعظام والأخشاب وما إلى ذلك من الأشياء المتوفرة لديهم، وذلك لندرة الورق، وهذه الوسائل نفسها هي التي استخدمها الصحابة لكتابة الوحي في حياة الرسول ﷺ فمما ورد ذكره في روايات مختلفة نستطيع أن نعرف بها تلك الوسائل، وهي كالآتي:
العسب، اللخاف، الرقاع، الأضلاع، الأكتاف، قطع الأديم، القضم، الظرر، القراطيس، الصحف، الكرانيف.
هذه الأشياء هي التي ورد ذكرها في كتابة القرآن الكريم في عهد الصحابة رضي الله عنهم وقد حاولت استقصاءها مما يتوفر لدي من مراجع – وفيما يلي نعرف كل ما ذكر من ذلك:
(العسب) : جمع عسيب، وهو جريد النخل، كانوا يكشطون الخُوصَ ويكتبون في الطرف العريض منه٣.
٣ راجع اللسان، مادة (عسب) : ١/٥٩٨، وفي النهاية لابن الأثير: (٣/٢٣٤) : هي السَّعفة مما لا ينبت عليه الخوص، وانظر: القاموس المحيط، ص: ١٤٧.