وقد روي عن السدي أنه قال: "لم يبعث نبي قط، إلا كان المجرمون له أعداء، ولم يبعث نبي قط إلا كان بعض المجرمين أشد عليه من بعض"."١"
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "كان عدو النبي صلي الله عليه وسلم أبو جهل، وعدو موسى قارون، وكان قارون ابن عم موسى"."٢"
وأبان الله تبارك وتعالى لنا في الآية الأخرى عن حقيقة هؤلاء الأعداء، وعن كيفية تداول الأقوال بينهم، وعن المصغين إليهم، فوصفهم بأنهم شياطين، والشيطان كما يقول ابن كثير هو:" كل من خرج عن نظيره بالشر، ولا يعادي الرسل إلا الشياطين من هؤلاء وهؤلاء – يقصد من الإنس والجن – فهؤلاء الأعداء للأنبياء يوحي بعضهم إلى بعض القول المزخرف المزين المزوق، الذي يغتر سامعه من الجهلة بأمره"."٣"
وقد سلك في هذا الباطل، وهو رد النبوة وتكذيب الأنبياء، والطعن فيهم بكل وسيلة ممكنة أهل الضلالة والفجور مع أنبيائهم السابقين. فنوح عليه الصلاة والسلام رد قومه عليه قوله وكذبوه، وقالوا عنه ﴿فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ، إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ﴾ [المؤمنون: ٢٤-٢٥].
وقال تعالى: ﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ، وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ [غافر: ٤-٥].
"٢" المرجع السابق.
"٣" تفسير ابن كثير "٢/١٦٨"، وانظر: تفسير القرطبي "٧/٦٧".