وقيل: إن الحاجز شيء غير مرئي يمنع امتزاج أحدهما في الآخر بعد التقائهما. قال مجاهد: ﴿وجعل بينهما برزخاً﴾، قال: حاجزاً لا يراه أحد لا يختلط العذب في البحر.
وقال ابن جريج: فلم أجد بحراً عذباً إلا الأنهار العذاب، فإن دجلة تقع في البحر، فأخبرني الخبير بها أنها تقع في البحر فلا تمور فيه بينهما مثل الخيط الأبيض. وهذا ما رجحه ابن جرير رحمه الله."١"
ومع أن القول ألأول وجيه من ناحية إثبات أن اليابسة حاجز من طغيان الماء المالح الكثير على مياه الأنهار القليلة بالنسبة لمياه البحار، إلا أن القول الأخير هو الأظهر والأقرب لمعنى الآية، لأنه نص على الإختلاط، وأنه جعل بينهما برزخاً حال الإختلاط، فلا يبغي أحدهما على الآخر.
وهذا ما أثبته العلم الحديث، من أن مياه الأنهار عند مصباتها تشكل بحيرات خاصة بها، وتعيش في تلك البحيرات كائنات حية لا تستطيع الخروج منها، فهي حجر محجور.
بل إنهم نصوا على أن: البحار نفسها إذا اختلط بعضها مع بعض كالبحر الأحمر مع المحيط أو غيره، فإن لكل بحر منها خواصه وتركيباته المختلفة عن تركيب البحر الآخر، وتشكل هذه الخصائص حاجزاً يمكن من خلالها تمييز كل بحر عن الآخر."٢"
وفيما ذكر من الحاجز دليل على أن القرآن لا يمكن أن يكون من عند النبي صلي الله عليه وسلم، فإنه قد عاش عليه الصلاة والسلام في جزيرة العرب، بين مكة والمدينة، ولا
"٢" انظر: مباحث في إعجاز القرآن، ص٢٠٧.