وهذا ما يشير إليه صراحة قوله تعالى: ﴿ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين﴾. والسلالة هي: الشيء المستل المأخوذ من مجموعة."١"
وكذلك قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى﴾.
فالنطفة هي الشيء القليل من المني "٢". وقد أكد هذا ع ليه الصلاة والسلام بقوله - لما سئل عن العزل-:"ما من كل الماء يكون الولد، وإذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء"."٣"
ومما قرر العلم في هذا أن البويضة بعد تلقيحها بالحيوان المنوي من الرجل، تذهب إلى جدار الرحم فتعلق به، بمعنى أنها تنغرس فيه، وتبدأ تتغذى من الأوعية الدموية التي فيه، ثم تبدأ مرحلة التخلق.
وهذه العلقة، وهذه الحالة، هي الموصوفة في القرآن في مواطن كثيرة، ولا يمكن لأحد مهما أوتي من العلم قبل عصر الإكتشافات العلمية أن يطلع على هذه الحالة وهذه الصورة، إلا من كشف الله له عن علم الغيب وعلمه من لدنه تبارك وتعالى.
كما قرر العلم أن العلقة بعد ذلك تبدأ تخرج لها شبه أطراف، فتكون كقطعة اللحم الممضوغة، وهذه اللحمة الممضوغة يتكون منها شيئان: الشيء الأول: أعضاء الجنين، والتي تشكل الجنين فيما بعد، والشيء الثاني: المشيمة، التي ينمو داخلها الجنين، وهي تحمي الجنين وتغذيه بواسطة الحبل السري المتصل بها والمتصل بالجنين.
وهذا ينطبق تماماً مع قوله تعالى: ﴿فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً﴾، وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ﴾. فالمخلقة هي ما يتكون منه
"٢" تفسير القرطبي "١٢/٦".
"٣" م. النكاح، باب العزل، رقم"٣٥٣٩"، انظره مع شرح النووي "١٠/٢٥٤".