وبعده ما زالت العلماء تترى في هذا الفن في كل عصر وقرن، حاملين لواء القرآن آخذين بزمام علومه إقراءً وتطبيقًا، وصارفين الأعمار لخدمته تصنيفًَا وتحقيقًا، حتى قيض الله -عز وجل- له إمام المحققين ورئيس المقرئين محمد بن الجزري الشافعي، فتتلمذ عليه خلق لا يحصون وألف كتبًا كثيرة أشهرها النشر في القراءات العشر ضمنه السبعة وزاد عليها قراءة أبي جعفر ويعقوب وخلف، ثم اختصره في كتابه تقريب النشر ثم نظم في هذه القراءات العشر منظومة أسماها طيبة النشر، ونظم في القراءات الثلاث الدرة المضية.
ونظم في التجويد المقدمة فيما على قارئه أن يعلمه وقد تداولها أهل هذا الفن وعنوا بها، وممن شرحها ابن الناظم، ثم وضع لها الشيخ خالد الأزهري شرحًا مختصرًا سماه الحواشي الأزهرية، وشرحها أيضًا الشيخ زكريا الأنصاري، والملا علي القاري، وغيرهم.
وقد أفرد العلماء بعض أبواب هذا الفن بالتصنيف، كمخارج الحروف وصفاتها ومن أشهر الكتب فيها الرعاية لمكي، وكالفرق بين الضاد والظاء، والممدود والمقصور، والوقف والابتداء، وأحكام النون الساكنة والتنوين.
وإن من أماني النفس أن نرى هذه المكتبة القرآنية العظيمة التي تحوي كنوزًا مدفونة لا حصر لها وقد أبرزت للدنيا وكشفت للناس، فيفرح بها المسلمون، وينتفع المقرئون، ويشهد الشانئون الحاقدون مقدار عظمة هذا الدين، وعظمة كتابه المبين، ويروا بأعينهم معنى الحفظ الذي تكفل الله به لهذا الكتاب العظيم {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ


الصفحة التالية
Icon