وأنصافه وأرباعه وعدد سجداته والتعليم عند عشر كل آيات، إلى غير ذلك من حصر الكلمات المتشابهة والآيات المتماثلة من غير تعرض لمعانيه. ولا تدبر لما أودع فيه فسموا القراء.
واعتنى النحاة بالمعرب منه والمبني من الأسماء والأفعال، والحروف العاملة وغيرها وأوسعوا الكلام في الأسماء وتوابعها وضروب الأفعال والازم والمتعدي ورسوم خط الكلمات وجميع ما يتعلق به حتى أن بعضهم أعرب مشكله، وبعضهم أعربه كلمة كلمة.
واعتنى المفسرون بألفاظه فوجدوا منه لفظاً يدل على معنى واحد لفظاً يدل على معنيين ولفظاً يدل على أكثر، فاجروا الأول على حكمه وأوضحوا معنى الخفي منه، وخاضوا إلى ترجيح محتملات أحد ذي المعنيين والمعاني، وأعمل كل منهم فكره، وقال بما اقتضاه نظره.
واعتنى الأصوليون بما فيه من الأدلة العقلية والشواعد الأصلية والنظرية مثل قوله: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾
إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة، فاستنبطوا منه أدلة على وحدانية الله ووجوده وبقائه وقدمه وقدرته وعلمه وتنزيهه عما لا يليق به وسموا هذا العلم بأصول الدين.
وتأملت طائفة منهم معاني خطابه فرأت منها ما يقتضي العموم. ومنها ما يقتضي الخصوص إلى غير ذلك، فاستنبطوا منه أحكام اللغة من الحقيقة والمجاز وتكلموا في التخصيص. والإضمار، والنص، والظاهر، والمجمل، والمحكم، والمتشابه، والأمر، والنهي والنسخ، إلى غير ذلك من أنواع الأقيسة واستصحاب الحال والاستقراء وسموا هذا الفن أصول الفقه.
وأحكمت طائفة صحيح النظر وصادق الفكر فيما فيه من الحلال والحرام وسائر الأحكام فأسسوا أصوله وفروعه وبسطوا القول في ذلك بسطا حسناً وسموه بعلم الفروع، وبالفقه أيضاً.
وتلمحت طائفة ما فيه في من قصص القرون السابقة والأمم الخالية ونقلوا أخبارهم ودونوا آثارهم ووقائعهم حتى ذكروا بدء الدنيا وأول الأشياء، وسموا ذلك بالتاريخ والقصص.