الثاني. قوله: أهله، واستدل بالآية من رأى وجوب الدم على من عاد لإحرام الحج إلى الميقات لعمومها. ومن أوجب الجمع في هذا الدم بين الحل والحرم فلا يجوز شراؤه من الحرم ونحره فيه لأن الهدى مأخوذ من الهدية فيجب أن يهدى من غير الحرم إليه ومن جوز صوم أيام التشريق عن الثلاثة. وفي الآية رد على من أجاز صوم الثلاثة قبل الإحرام بالحج في العمرة أو بعدها، وعلى من أجاز صوم السبعة أيضاً في الحج.
١٩٧- قوله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾.
اختلف الصحابة وغيرهم في الأشهر هل هي شوال وذو القعدة وذو الحجة كله أو وعشر منه؟ نقلان. واستدل الأول بجمع أشهر في الآية قال الكيا: أفادت الآية أن الأشهر التي يصح فيها التمتع بالعمرة إلى الحج ويثبت فيها حكمه هي هذه الأشهر. وأن من اعتمر في غيرها ثم حج لم يكن متمتعاً، وفي الآية أن الحج لا يجوز الإحرام به في غير هذه الأشهر من السنة، روى ابن خزيمة والشافعي عن ابن عباس قال لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج من أجل قول الله ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾
وورد من حديث جابر مرفوعاً أخرجه ابن مردويه.
قوله تعالى: ﴿فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ﴾.
فيه مشروعية النية والتلبية. أخرج ابن المنذر عن ابن مسعود قال الفرض الإحرام وأخرج عن ابن الزبير مثله، وأخرج ابن جرير عن ابن عباس مثله وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال: الفرض الإهلال وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس مثله، وأخرج سعيد بن منصور عن عطاء قال فرض الحج التلبية.
قوله تعالى: ﴿فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ فيه المنع من هذه الأشياء، وفسر الرفت بالجماع وبمقدماته كالقبلة والغمز وبالتعريض به والفسوق بالمعاصي زالجدال بالمراء والخصومة، قال الكيا: فلت الآية على تحريم أشياء لأجل الإحرام، وعلى تأكيد التحريم في أشياء محرمة في غير الإحرام تعظيماً للإحرام.
قوله تعالى: ﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ﴾.
فيه الحث على الإكثار من فعل الخيرات في الحج صدقة وذكراً ودعاء وغير ذلك.
قوله تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾
فيه استجاب التزود زأنه لا ينافي التوكل وذم السؤال والتوكل على الناس.
١٩٨- قوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾.
فيه إباحة التجارة والإجارة وسائر أنواع المكاسب في الحج، وأن ذلك لا يحبط أجراً ولا ينقص